مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
إلى وكيل عميد الإذاعة([1])
 
 
 
صدر عن مكتب الزعيم، 1948/8/20
 

 

إلى حضرة وكيل الإذاعة الـمحترم

 

حضرة الوكيل الـمحترم،

 

تسلمت رسالتكم صادرة رقم 18 - 9 - 16 الـمؤرخة في 17 أغسطس/آب الـحاضر، وبعد اطّلاعي وأخذي العلم بـمضمونها، أبدي لكم الـملاحظات التالية:

 

أولاً - مهمتكم في عمدة الإذاعة

 

تقولون في بدء رسالتكم الـمذكورة إنّ الزعيم وجّه إليكم في جلسة مجلـس العمـد الأخيرة الـمنعقدة مساء الرابع عشر من أغسطس/آب الـحاضر لوماً حول إهمالكم الاهتمام بالإفراج عن الـجيل الـجديد وبالقضايا السياسية الـجارية في البلاد قبل مناقشة البرنامـج الإذاعي الذي سلّمتم نسخاً منه إلى الزعيم والعمد في الـجلسة الـمذكورة. فظهر من هذا القول أنكم كنتم تنتظرون عدم تناول مسائل هامّة ومستعجلة كالـمسائل التي لفت الزعيم نظركم إلى شلل العمدة تـجاهها، إلى أن يكون قد نظر في البرنامج الإذاعي الذي كلّفتكم وضعه. وتقولون في صدد اللوم الـمشار إليه إنّ مهمتكم في عمدة الإذاعة كانت وما تزال غير واضحة. وإنّ صلاحياتكم ومسؤوليتكم غير محدودة بوضوح، لا في حدودها ولا في طبيعتها، الخ. ففي صدد مهمتكم أقول إني أجهل الظروف والأسباب التي جرى تعيينكم وكيلاً لعميد الإذاعة فيها، فلست أدري هل تسلّمتم صلاحياتكم ومسؤوليتكم بوضوح أو بغير وضوح. ولكني أعرف أنّ النص الدستوري واضح فيما يتعلق بصلاحيات وكيل العميد لكل عمدة من العمدات. وتـجدون ذلك واضحاً في الـمادة التاسعة من الـمرسوم الدستوري عدد 1. ولكن يظهر أنكم لم تبالوا بهذه الـمادة ولا بـمعرفة الصلاحيات التي يخوّلكم إياها الدستور والقوانيـن الـمعمول بها، إلى أن كانت الـجلسة التي نظر فيها مجلس العمد والزعيم في البيان الإذاعي الأول الذي تقدمتم به، كما هو مدوّن في وقائع الـجلسة الـمذكورة الـمنعقدة في 21 يوليو/تـموز 1948. فابتداءً من تاريخ ملاحظتي على بيانكم الأول في صدد تـجاوزكم صلاحيات وكالة العميد، يـمكن القول إنكم ابتدأتـم تتنبهون إلى مسألة الصلاحيات والـمسؤولية. وابتداءً من ذلك الوقت فقط، يـمكن القول إنكم ابتدأتـم تشعرون أنكم لم تعرفوا تـماماً ولا تزالون تـجهلون اليوم، كما تثبت رسالتكم التي أجيب عليها الآن، الصلاحيات والـمسؤولية التي تتحملونها. فقبل ذلك التاريخ كنتم تقومون بجميع صلاحيات العميد التي لا يجوز دستورياً لوكيل العميد القيام بها. ومن أهم هذه الصلاحيات صلاحية التعييـن، التي توجد نصوص دستورية متعددة على أنها من خصائص العميد فقط. وقد استعملتم تلك الصلاحيات بدون مشورة أو رجوع إلى مستند دستوري. ولكنكم مع ذلك لم تقوموا ولم تـحاولوا القيام بـمتطلبات مسؤولية العميد الذي اتخذتـم صلاحياته في مسائل التعييـن فقط.

 

أما قولكم أنه يـمكن اعتباركم مسؤولاً عن سياسة العمدة فقط في الفترة التي تلي تقديم البرنامج الإذاعي والتي تشمل فترة تنفيذه التي لم تبدأ بعد، فكلام لا دخل له فيما سقت اللوم إليكم في صدده. فقد كان لومي لكم على عدم الاهتمام بتتبع قضية التعطيل الإداري للصحف، والاهتمام بالإفراج عن الـجيل الـجديد أسوة بجميع الصحف التي تـجري مطالبة من قِبل نقابة الصحافة بالإفراج عنها - صيانة للحريات الأساسية. ولعدم اهتمامكم بحوادث جارية ومستعجلة لا تشملها سياسة، ولا برنامج سياسي، كمسألة وفاة نائب لعب دوراً سياسياً في الـجمهورية اللبنانية، وما يحسن أن يكون موقف الـحزب في صدده. وما هو الـمظهر الذي يليق أن يظهر الـحزب به. والتّنبه إلى ما ستجرّه وفاة السياسي الـمذكور من مسائل سياسية تهمّ الـحزب، وهو أكبر حزب في البلاد السورية على الإطلاق - سواء أكان تنبّهكم بصفتكم مسؤولاً عن أدق أجهزة الـحزب إحساساً بالأمور والقضايا السياسية الأساسية والـجارية أم غير مسؤول. وشمل لومي إياكم تخلّفكم عن زيارة الـمخيم وتعهّده بـما يجب على عمدة الإذاعة في وسط تـجمعي حزبي، كالوسط الذي يقدّمه الـمخيم، وليست ملاحظاتي هذه الـملاحظات الأولى التي أبديتها لكم. فقد سبقت لي الـملاحظات الـمتكررة على إهمالكم مسؤوليتكم الـمنصوص عنها في الـمادة التاسعة من الـمرسوم الدستوري عدد واحد، وعدم اهتمامكم بالقضايا الـحزبية الروحية التي تركت من قِبل عمدة الإذاعة لتعالـجها عمدة الداخلية.

 

تستأنفون في رسالتكم دفاعكم عن تقصيركم في السهر على الواجبات الإذاعية وتقولون إنه على ضوء شرحكم يـمكن النظر في مسؤولية وكيل عميد الإذاعة فيما يتعلق بالقضايا السياسية الـجارية في البلاد والـموقف منها. إنّ النظر في مسؤولية وكيل عميد الإذاعة ليس مفيداً بالشروح التي ترتأونها في رسالتكم. فإذا تركنا جانباً الأمور الـمستعجلة التي لامكم الزعيم في التنبّه لها، والاهتمام بها، فإنّ مسؤولية وكيل عميد الإذاعة تكون بصورة مطلقة على الأساس الدستوري وما تقرره السلطة التشريعية في الـحزب. وما يرد في رسالتكم من الـخلط بيـن مسؤولية الشعبة السياسية اللبنانية ومسؤولية عمدة الإذاعة السياسية في الشؤون والقضايا السياسية، لا يلغي ولا بشكل من الأشكال، وظيفة عمدة الإذاعة السياسية ولا يجوز لكم مطلقاً تعييـن حدود الـمسؤولية التي تقع على الشعبة السياسية اللبنانية، كما أجزتـم لنفسكم ذلك في رسالتكم التي نحن في صددها. ومن كلامكم على الشعبة السياسية اللبنانية وصلاحياتها يتضح أنكم لم تدرسوا الـمرسوم الصادر بإنشائها وتـحديد مهمتها.

 

تعترفون في رسالتكم أنّ عمدة الإذاعة الـخالية من عميد الآن، وليس عليها أعلى من وكيل العميد، لا تعرف شيئاً ليس فقط عن نشاط الشعبة السياسية التي تسمّونها اللجنة السياسية، بل عن نشاط الـحزب السياسي العام أيضاً، وهذا الاعتراف هو برهان قاطع على جمود عمدة الإذاعة فيما يختص بـما يجري داخل الـحزب وخارجه من الأمور السياسية الهامّة. فعمدة الإذاعة هي إحدى الأجهزة الأساسية في النشاط السياسي، وعدم نشاطها في الاضطلاع بوظيفتها جعلها تـجهل، ليس فقط ما يجري في داخل الـحزب، بل أيضاً أهمية القضايا السياسية الطارئة للحزب، وكيفية الاستفادة منها. ولا تـجدي محاولتكم تبرير التقصير باعتباركم الـمغلوط أنّ الشعبة السياسية اللبنانية أصبحت مسؤولة عن القضايا السياسية الإذاعية التي هي من خصائص عمدة الإذاعة. فإن تقصيركم في هذه الأمور سابق لإنشاء الشعبة السياسية اللبنانية وسابق لـجهلكم مدى صلاحيات وكيل عميد الإذاعة ومسؤوليته. وعلى سبيل الـمثل، أثبت لكم تقصيركم عن تعهّد ما يجري في مناطق الـحزب من القضايا الروحية والسياسية التي تتطلب معالـجة مباشرة، من قِبل عمدة الإذاعة، ليس فقط في الـمناطق البعيدة عن الـمركز، بل في منطقة منفذية بيروت أيضاً، حيث يقوم الـمركز وتقوم عمدة الإذاعة. وكان التقصير قد بلغ بكم حداً أجزتـم لنفسكم فيه التخلف عن اجتماع روحي هامّ يعقد في إحدى مديريات بيروت بحضور الزعيم بنفسه - مديرية الـمنارة. ويزيد في ضخامة هذا التقصير أنكم تخلّفتم عن حضور الاجتماع بعد أن طلب الزعيم منكم حضوره وأكدتـم له أنكم ستحضرون. ومع ذلك تغيبتم. وكان حضوركم اجتماعات أخرى تـحت إلحاح من الزعيم ولوم وتأنيب. وفي هذا الصدد أقول إنه ما كان يحتاج للزعيم لتعهّد مديريات بيروت بنفسه لو كانت عمدة الإذاعة قامت بوظيفتها النظامية، وعملها الإذاعي كما يجب.

 

كذلك ألفت نظركم إلى تخلّفكم عن واجبات أولية كحضور محاضرات ومباحثات وأحاديث توجيهية أساسية يلقيها الزعيم، وتخلّفكم عن الاتصال اليومي بالزعيم لإطلاعه على ما يجري وما يجدّ، ولأخذ توجيهاته وتعليماته في ذلك - رغماً عن تكرار طلب الزعيم ذلك منكم كما من جميع العمد.

 

ثانياً - قضية الـجيل الـجديد:

 

تتناولون في رسالتكم قضية تعطيل الـجيل الـجديد ووجوب الإفراج عنها، على غير الأساس الذي يجب أن تبحث عليه. فقضية الـجريدة اليوم أثارها الزعيم في جلسة مجلس العمد الأخيرة، بناءً على بحث مشروع قانون الصحافة الـجديد، ومطالبة نقابة الصحافة بإلغاء مبدأ التعطيل الإداري خصيصاً التعطيل إلى أجل غير مسمى، وعلى الـمطالبة من قِبل نقابة الصحف ومن قِبل الصحافييـن أنفسهم بالإفراج عن الصحف الـمعطلة، وليس بناءً على تولي السيد غبريال الـمرّ وزارة الداخلية. فالـمسألة مسألة حرية الصحافة وإلغاء التعطيل والإفراج عن الصحيفة، وليست مسألة إفراج موقت عن الـجريدة على غير هذا الأساس. وقد شرحت لكم ذلك في جلسة مجلس العمد الأخيرة، مبيناً الأسباب التي أرى أنها تـجيز، لا بل تطلب، العودة إلى النظر وإلى الـمطالبة بالإفراج عن الـجيل الـجديد والتي تختلف كل الاختلاف عن الأسباب التي دعتني إلى إرجاء النظر في مسألة الإفراج عن الـجيل الـجديد، في السابق. وإني أستغرب كيف أنكم أغفلتم إيضاحي لكم هذه الأسباب في جلسة مجلس العمد فعدتـم إلى بحث قضية الـجريدة على غير الأساس الذي طلب الزعيم بحثها عليه.

 

الـخلاصة: إنّ الأمور الـمطلوبة في عميد الإذاعة وفي وكيل عميد الإذاعة وفي ناموس عمدة الإذاعة هي أمور منها إداري محصور ومحدد في نظام الصلاحيات والـمسؤولية، ومنها سياسي لا يحصر في مواد قانونية ولا في نص معيّـن. بل يستوحى من متطلبات الوظيفة نفسها. ويتعلق رأساً بالأهلية الشخصية وقوة الفاعلية والاستنباط أو الـمبادرة في الأشخاص القائميـن على جهاز دقيق وحساس كجهاز عمدة الإذاعة. وأعني بلفظة «سياسي» كل ما يـمسّ قضية من القضايا العقائدية أو العملية للحزب، وليس الأعمال السياسية والدبلوماسية والتقنية التي تبقى من خصائص أجهزة أخرى، تعيّـن وتـحدد صلاحيتها بـمراسيم خاصة. فلست أخالكم تظنون أنّ الزعيم أو مجلس العمد، أو الشعبة السياسية اللبنانية يشعر بضير أو ضرر إذا تقدمتم بإثارة قضية كقضية الإفراج عن الـجيل الـجديد أو كمسألة مأتـم النائب السياسي وظهور الـحزب فيه، خصوصاً وأنتم لا تبتّون بشيء بل تعرضونه على الزعيم أو على مجلس العمد حتى ولو توهمتم أنّ ذلك ليس من صلاحيات عمدة الإذاعة. ومنها أمور تطلب من العميد، أو الوكيل، أو الناموس أن تنتظر منهم بحكم الوظيفة والأهلية لها، أكثر مـما يحكم الصلاحية الإدارية أو الـمسؤولية الإدارية.

 

إنّ الـجهاز الإذاعي شديد الاتصال بجميع القضايا السياسية التي تعرض للمنظمة القومية الاجتماعية لأنه الـجهاز الـمخصص للتعبير عن سياسة الـحزب وشرحها وشرح موقف الـحزب من جميع القضايا السياسية والاجتماعية ولـمعالـجة القضايا السياسية والروحية، إذاعياً، من وجهة نظر الـحزب.

 

إنّ توجيه كتابكم ولهجته خارجان عن الروحية القومية الاجتماعية والنظامية الـمثالية في مخاطبة مصدر التشريع والتوجيه في الـحزب. فموقفكم موقف الـمدافع الـمجادل لا موقف الـمبدي وجوه نظر يسأل الـموافقة عليها، كما كان يجب أن يكون.

 

وتفضلوا بقبول سلامي القومي. ولتحيى سورية.

 


[1] وديع الأشقر. 

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro